تخيلّوا معي كيف سيكون شكل العالم لو حكمته امرأة؟



سيذهب البعض بعيدا لينبش بالتاريخ والبعض سيلجأ (لدينه) الذي ينتقص من المرأة لطعن قدرتها على الحكم والقيادة ، وردود فعل كثيرة مضحكة لا تعود على أي نقد بناء أو مفاهيم منطقية عملية ايجابية ، لماذا؟

" أكثر ما يخيف رجال الدين تحرر المرأة لان المرأة لا تقل ذكاء عن الرجل بل هي أكثر ذكاء وهي أخصب منه خيالا وأكثر لباقة واصبر من الرجل على الشدائد هذا ما ثبت في الدراسات الحديثة وخوف رجال الدين من المرأة لأنه سيثبت خطأ كل أحكامهم عن المرأة ."/ د.كامل النجار  

الحكومات العربية وبالاخص الحكومة العراقية بعد الـ2003 التي تمثل حكومة ولاية الفقيه والملالي بامتياز مارست اشكالا مختلفة لتهميش المرأة وحجبها عن العملية السياسية او ممارسة اي دور قيادي فعال في الدولة والمجتمع عموما من خلال النسبة الضئيلة التي خُصصت للبرلمانيات النساء باسم (الكوتا) واللواتي كن (اغلبيتهن) مجرد ديكور آخر للديمقراطية المزعومة في حكومة الملالي .
لأن مجرد كون المرأة ستقود وتكون حاكمة يفزع فكر ومفهوم الذكورية الشرقية الأيدلوجية المتغلغلة بالمجتمع العربي-الإسلامي.. أقول الإسلامي لأنه الدين المهيمن عليه لا لأني استقصده، وإلا فان جميع الأديان همّشت المرأة واضطهدتها وانتقصت منها. لماذا؟

“إن اشد ما يذعر له المجتمع ألذكوري أن تثبت المرأة تفوقها في التعليم والعمل في المجالات العلمية والفكرية، وسبب الذعر هو خوفهم من أن تتذوق النساء سعادة العمل الفكري ولذته (اللذة المحرمة) فينجرفن في ذالك الطريق ولا يجد الرجال من يخدمهم في البيت ويطبخ لهم ويغسل سراويل الأطفال.” / نوال السعداوي

ما الذي يمكن توقعه من حكومة الملالي ودولة الفقيه تجاه الرؤية التحررية وهدف تحقيقها فيما يخص المرأة ، لأن تحرر المراة هو مقياس تحرر المجتمع وتحضره ومدنيته. ان تلك الحكومة فضحت كذبة مسرحيتها الهزلية التي تدعى (عراق الديمقراطية) من خلال ممارساتها الكثيرة وسياستها القمعية الدكتاتورية خصوصا تجاه المرأة حيث حدّت من حريتها ودورها في صنع القرار لخدمة البلاد والمجتمع والتي تميزت بالسعي الدائم لحجبها وقمعها بحجة الدين ؛ تلك العباءة السحرية التي تجعل الناس يتبعون من يرتديها بثقة عمياء !!
ولعل اولئك النسوة اللواتي يمثلن (الكوتا) في البرلمان العؤاقي هن –على الاغلب- مجرد واجهات اعلامية لشعارات تلك التيارات والاحزاب لاكمال ديكور مسرحية الديمقراطية في العراق. فأغلبهن لسن سوى ببغاوات يرددن ما لُقنّ به وأملي عليهن ، والكارثة الاكبر كونهن صرن الادوات التي اسهمت بشكل كبير في قمع المرأة وسحبها نحو انفاق ودهاليز الرجعية الذكرية المظلمة، لن اقول قوانين البداوة لان المرأة آنذاك كانت محل شرف حيث حضيت بحقوق لا يتسهان بها ولعبت دورا كبيرا وبارزا في مجتمعها القبلي في الحروب وفكانت القذدة المتزعمة او الملكة وكانت التاجرة ايضا.. لن اعود الآن لتقليب صفحات التاريخ لعرض وتبيان ادوار النساء الكبيرة في مختلف مجالات الحياة على مدى السنوات الطويلة منذ تاسيس الدولة العراقية المدنية وحتى يومنا هذا.

" إن اغرب ما في الإسلام، كمنظومة معقدة للغاية، هو هذه القوة الإستلابية التي تجعل المرأة تدافع عن تحقيرها الذاتي ". الباحث السوري – نبيل فياض

تلك (الببغاوات) اللواتي يُدعين خطأ (برلمانيات) أطلقن صيحات متنوعة بسياسة قمع المرأة والحد من حريتها ، ولعل ابرزها كان القرارات الصادرة من وزارة المرأة بفرض الزي الاسلامي والحجاب على الموظفات والطالبات باسلوب مثير للاستفزاز من ناحية الفحوى والتطبيق والتمادي به من قبل ممثليهم الرجعيين الذكوريين. وقد تم اطلاق حملة للتنديد والتصدي لمثل هكذا ممارسات تتعارض ومواد الدستور العراقي وحقوق الإنسان بشكل مهين للمرأة. " كما جاء بالمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على : أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير , ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل , واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية .
أما عن الدستور العراقي (لن اعتمده حجة أبدا لاحتوائه الكثير من الفقرات الخاطئة والمُنصبة لصالح البعض دونا عن البقية) لكني سأقتبس منه بعض المواد –لانه محسوب علينا- :
المادة 17:
أولاً :ـ لكل فردٍ الحق في الخصوصية الشخصية، بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين، والآداب العامة.
المادة  37:
أولاً :ـ
أ ـ حرية الإنسان وكرامته مصونةٌ.
ج ـ يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية، ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه وفقاً للقانون.
ثانياً :ـ تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني. "
-    من مقال سابق : محاولات قتل المدنية والتحضر -
ان المرأة في المجتمع العراقي تحتاج لمن ينظر ويوجد الحلول لمشاكلها الكثيرة اليومية والعصيبة عوضا عمن يرشدها ويعملها (كيف تلبس) !! المشاكل التي هي نتاج الحروب ومخلفاتها . تحتاج لمن يؤّمن لها عملا شريفا ويوفر لها الامان ويحفظ كرامتها ، حقوقها، التعليم، الرعاية الصحية والمضي قدما نحو توفير بيئة مناسبة للنهوض بها وتحقيق مستقبل باهر سيعود بالنفع على المجتمع ككل.
هل يعرفن هؤلاء البرلمانيات ما تعانيه المرأة اليتيمة، الأرملة او العازبة صغيرة كانت ام كبيرة ؟ هل يعرفن بنسبة الفتيات والنساء اللواتي يتم استغلالهن بسوق النخاسة او بيع الاعضاء او تجارة المخدرات والسرقة داخل العراق وخارجه؟ هل تم سنّ قانون او مادة وفعاله وتم تنفيذها بخصوص الحدّ من ذلك؟ هل هناك تأمين حقيقي مناسب صحي أو اجتماعي أو اقتصادي للنساء؟ هل تم التصدي للجرائم التي ترتكب بحق البنات والنساء تحت مسمى (القتل لغسل العار) بالكثير من مدن العراق خصوصا تلك التي تتميز بالطابع العشائري المتشدد؟ هل تم اعادة النظر وتحديث قوانين الاحوال الشخصية لكفل حقوق المرأة فيما يخص عقود الزواج والطلاق؟ هل تم الغاء ورفع (ولاية الأمر او الوصاية) من على المرأة مهما كان عمرها ومكانتها بقوانين الاحوال الشخصية والتي تعد حاجزا كبيرا امام طموحات المرأة بالكثير من المجالات فهي تحد من حريتها وتمس كرامتها وتهدد استقلالها وكينونتها؟ هل باستطاعة الام منح جنسيتها لأولادها في حالة كون الأب اجنبي؟ هل نسوا مواد وقوانين اتفاقية السيداو التي وقع عليها العراق فيما يخص حقوق المرأة؟ ام انها مجرد (برستيج شكلي) ايضا؟
مجرد ديمقراطية-حرية مع وقف التتفيذ.
اننا نحتاج لنساء تحرريات حقيقات يمضين قدما لاكمال تحرير المرأة وتحقيق المساواة لها ونيل حقوقها الكاملة ن نحتاج لنساء حقيقيات فاعلات وليس مجرد دمى تحركها الخيوط !
ان اول خطوة لذلك هو الغاء (الكوتا) التي تحدد عدد النساء في البرلمان العراقي الى 25% منه. ان في هذا تحجيم لدور المرأة وتقييد طاقاتها وقدراتها لخدمة المجتمع ككل وليس فيما يخص شؤون المرأة فقط لأن ذلك يعتمد على ماهيّة الشخص وتفاعله ودوره القيادي وليس على الجندر. أن (الكوتا) تأكيد على كون المرأة تابع للرجل ونصفه لا بل ربعه كما مثلتها تلك النسبة!
علينا السعي أفرادا ومنظمات لاطلاق حملة موسعة فاعلة تمارس دورا ضاغطا على الحكومة العراقية التي لا تحرك ساكنا –كالعادة- لإلغاء (الكوتا) ، الحكومة التي تدخل المواطن بدوائرها الروتينية ووعودها الكاذبة للتهرب من إيفاءه حقوقه بكافة المجالات.
اننا نحتاج لنساء حقيقيات سوف يحملن على عاتقهن مسؤولية تحرير المرأة وتحقيق مساواتها وسوف يبدأ ذلك اولا بتلك الحملة لاننا ان استطعنا تحقيق اهدافها فاننا نكون على اول الطريق الصحيح نحو باقي الاهداف، فنحن لا نفتقر للقدرات والامكانيات او الاصرار لكننا نحتاج لتوحيد الصفوف على هدف احد.
نحو الحرية
نحو المساواة.. دائما وأبدا.

نشر المقال في:

Share:

Popular Posts

Blog Archive

Featured Post

خمسة تفسيرات منطقية علمية لما يدعى بالمعجزات

  اعداد: ايفان الدراجي الخوف والجهل هو أساس ارجاء تفسير الظواهر الطبيعة آنذاك لقوى مجهولة خفية قد تكون من السماء يفسرها المؤمنون...

Recent Posts