المعرض التشكيلي ( حواس أنثوية ) للفنانة ايفان الدراجي الذي أقيم برعاية من المركز الثقافي في جامعة البصرة وفي غمرة احتفالات الذكرى السنوية الـ (47) ...وبصراحة أقولها انني شاهدت عشرات المعارض طيلة الخمس سنوات التي مضت لطلبة وأساتذة وفنانين وموهوبين لم أجد نضوجا اكثر من الذي شاهدته في تكوين....
حيدر الاسدي
المعرض التشكيلي ( حواس أنثوية ) للفنانة ايفان الدراجي الذي أقيم برعاية من المركز الثقافي في جامعة البصرة وفي غمرة احتفالات الذكرى السنوية الـ (47) ...وبصراحة أقولها انني شاهدت عشرات المعارض طيلة الخمس سنوات التي مضت لطلبة وأساتذة وفنانين وموهوبين لم أجد نضوجا اكثر من الذي شاهدته في تكوين وتوظيف ومقصديه الفنانة ايفان الدراجي فهي تعمد إلى أن تنفخ في اللوحة من روحها الميلودرامية لتقدمها بهالة من الوجع الى المتلقي ( الجمهور ) أنها وعبر حفريات ( الأنثى) قد وجدت حواساً أخرى غير تلك الخمس الشهيرة ...أنها لا وعي المرأة ...أنها وعي المرأة ( العاطفة ) الذاكرة ...انها تلك الجيشان المحفوف بالحنون ...انها سر جاذبية المرأة ..تلك هي حواس أخرى لم تكشفها المرأة العصرية بعد ...لكن ايفان وعبر حفرياتها التشكيلية عبر سلطة اللون قد أدرجت هذا في قاموس لوحتها ...فهي بلوحاتها تصعد من إنسانية ( المرأة ) ( العاطفة) وتلبسها ثوب ( الإنسان السوي) وليس المرأة ( الناقصة في عقلية المجتمع الذكوري المهيمن) أنها محاولة شجاعة لكسر تابوات عزفت الكثير من الفنانات على تناولها ،فايفان تخلف الرموز داخل لوحتها وهي دقيقة في اختيار مرمزاتها لأنها تدرك تماما ( ان المتلقي هو سيد التأويل) ولكن أي متلق تبغ ايفان ؟ فهي تغيب الزمان بحاضرة الظاهرة المكانية لان ما تشكله في الغالب ( ظواهر) كما في (Seduce) ( غوى ..فتن ...أغرى ...ضل) ان قراءة ( مرئية ) لمجمل لوحاتها ستجد أنها تضعنا أمام ( غواية اللون) مجترحة حداثة توظف المحيط تاركة للحدث ( السردي) يفصح عن مكنونات المرأة وعلاقتها مع ( المجتمع ....الرجل...الأخر ...البيئة المسيطرة...) مؤثثة بذلك فضاء لوحتها بالعالم ( الأنثوي) اذن لنتساءل معا لماذا ( حواس أنثوية) ولماذا المرأة ...؟ ( أنها بستان الرجل ، يتنزه في حدائق فتنتها ويقطف من زهر غوايتها ويذوق من شجر شهوتها وينشرح لوجودها ويتمتع بمرآها ويطرب لصوتها ويتشمم أنوثتها ويستعذب رحيقها وينتشي بملامستها ويتفكه بمداعبتها ويضطجع إليها ...ويود لو استغرقها بالكلية واستهلكها حتى تفنى هي فيه أو هو يفنى فيها فقوام اللذة الفناء ولهذا فالوجود بالمرأة وفيها) ( 1) . وللرقم والعين دلالة علاماتية داخل تشكيلية اللوحة التي تعبر عن واقعة ما معاشة من قبل ( الذات ...العالم ( المجتمع) فهي توزع الخطوط اللونية بعناية تكوينية ، وهي بريشتها ترسم ( ظواهر أنية تشتبك على المرأة الحالية) ولماذا تعتقد ايفان بان ثمة حواس مكنونه يجب أن تبرز على السطح لدى المرأة ( لان الفن لم يأت الا كحلقة في عمل الحواس ، المتفرقة ، والمجتمعة وعندما ظهرت رقابة الوعي للوعي ذاته أصبحت الحواس خاضعة للتشذيب والانفصال ، خطوة اثر خطوة عن المكان الأول ، المكان الأعمى) (2) . وايفان الدراجي جعلت الجسد كما هو لم تغلفه بالازدواجية والنفاق المجتمعي المحتدم بل تركه معرى من التغليف وليس عارياً من الثياب..وقد بلغت رمزية لوحاتها في المعرض ( الخطاب ) عبر ( التجريد) ولكن ببعد ( مجتمعي ....واقعي...سوسيولوجي) فهي تجس فينا نحن ( المجتمع الذكوري) نبض المهيمنة ...لترمي بنا عبر متخيلاتها التشكيلية إلى قاع ( الإرادة الأنثوية ورغباتها) وفق رؤيتها العالية أكيدا، وتجسد طبيعة المرأة في المآزق اليومي ...المكاني ...ألزماني ...( البيت ....العلاقة...) عبر سلطة اللون وتركيباتها لتستبدل قتامة الحياة بهالة لونية توفر لنا ( جمالية) الرؤية وبمقابلها جمالية انتقاديه وفق منظار الرد البارد....فهي تنتقد سطوة الهيمنة الذكورية الجافية ولكن بلون وليس ببندقية محشوة بأقذع الألفاظ... وهي الجمالية البحتة ...فالجسد في بعض لوحاتها مستلب وتارة يكون ( مصيده hunting -) وشباك النصف يقع الأخر فيها ...( إن نساء الفن الكلاسي كائنات خالدة علوية وعريهن دلالة طهر ونقاء كما هو حال سكان الجنة في قصة دستوفسكي
( حلم رجل هزأة) وبالتالي فهن غير معنيات بالمتلقي يمارسن طقوسهن ببراءة وترفع فهن عصيات على رغباتنا الزائلة) (3) هذه الإشكالية التي طرحها البعض من أن ايفان ( تعري) الجسد والأصح أن ايفان تتخذ من الجسد لغة محاكاة تسرد ما تكبده الجسد والروح معا من مخاض عسير انتهك قواه سيما جسد المرأة ، عابرة الشكلانيون وسطو الشكل لديهم إلى ما بعد الحداثة لتجعل الجسد ناطقاً ( رافضا) مقموعاته الذكورية والرغبات التي تود اجتياحه ،وهذا من اشتغالات الفنانة الانكليزية ستيفاني روو التي تعمل على تجريد الجسد النسوي ( تقول ستيفاني روو ( أنها تؤمن أن الجسد هو خير من ينقل الرسائل ) وربما لأنها أمنت بأنه الوجه الدنيوي لروح المرأة وان روح المرأة وجسدها كيان واحد.....) (4) ، أذن ايفان تجترح قضمه من الحداثة لتسيجها على حدائق شخوصها بيئة تقنية لإحاطة العالم الأنثوي في العالم الثالث كما ( لا يمكن ان ننظر الى روح المرأة بمعزل عن جسدها كما لا يمكن نفهم لغة الجسد الأنثوي بمعزل عن روح المرأة) (5) . وهكذا الدلالة تنتشر في إعمال ايفان الدراجي وفق تقنية التجريد التي تجعل للجسد لسانا يخاطب به ( المتلقي...ألجمهور) ليوفر تلك اللذة التي نبتغها من الفن التشكيلي فنحن ( نستند إلى قدرة إبصارنا ،لقد اثبت البحوث النفسية ان ما نتخيله أساسا في أحلامنا إنما هو خبرات مشتقة من حواسنا هذه الخبرات والذكريات تستند إلى صور ومعلومات موجودة في حقل الذاكرة ) (6).وهكذا أفرزت ايفان انفعالات الأنثى الذاتية عبر الكلم ألذاكرتي المعرفي الذي تتمتع به لتسقطه على شخوص لوحاتها من النسوة الكادحات المنتشيات الخاسرات داخل هذا العالم الملون في كل شيء.
************
حيدر الاسدي
المعرض التشكيلي ( حواس أنثوية ) للفنانة ايفان الدراجي الذي أقيم برعاية من المركز الثقافي في جامعة البصرة وفي غمرة احتفالات الذكرى السنوية الـ (47) ...وبصراحة أقولها انني شاهدت عشرات المعارض طيلة الخمس سنوات التي مضت لطلبة وأساتذة وفنانين وموهوبين لم أجد نضوجا اكثر من الذي شاهدته في تكوين وتوظيف ومقصديه الفنانة ايفان الدراجي فهي تعمد إلى أن تنفخ في اللوحة من روحها الميلودرامية لتقدمها بهالة من الوجع الى المتلقي ( الجمهور ) أنها وعبر حفريات ( الأنثى) قد وجدت حواساً أخرى غير تلك الخمس الشهيرة ...أنها لا وعي المرأة ...أنها وعي المرأة ( العاطفة ) الذاكرة ...انها تلك الجيشان المحفوف بالحنون ...انها سر جاذبية المرأة ..تلك هي حواس أخرى لم تكشفها المرأة العصرية بعد ...لكن ايفان وعبر حفرياتها التشكيلية عبر سلطة اللون قد أدرجت هذا في قاموس لوحتها ...فهي بلوحاتها تصعد من إنسانية ( المرأة ) ( العاطفة) وتلبسها ثوب ( الإنسان السوي) وليس المرأة ( الناقصة في عقلية المجتمع الذكوري المهيمن) أنها محاولة شجاعة لكسر تابوات عزفت الكثير من الفنانات على تناولها ،فايفان تخلف الرموز داخل لوحتها وهي دقيقة في اختيار مرمزاتها لأنها تدرك تماما ( ان المتلقي هو سيد التأويل) ولكن أي متلق تبغ ايفان ؟ فهي تغيب الزمان بحاضرة الظاهرة المكانية لان ما تشكله في الغالب ( ظواهر) كما في (Seduce) ( غوى ..فتن ...أغرى ...ضل) ان قراءة ( مرئية ) لمجمل لوحاتها ستجد أنها تضعنا أمام ( غواية اللون) مجترحة حداثة توظف المحيط تاركة للحدث ( السردي) يفصح عن مكنونات المرأة وعلاقتها مع ( المجتمع ....الرجل...الأخر ...البيئة المسيطرة...) مؤثثة بذلك فضاء لوحتها بالعالم ( الأنثوي) اذن لنتساءل معا لماذا ( حواس أنثوية) ولماذا المرأة ...؟ ( أنها بستان الرجل ، يتنزه في حدائق فتنتها ويقطف من زهر غوايتها ويذوق من شجر شهوتها وينشرح لوجودها ويتمتع بمرآها ويطرب لصوتها ويتشمم أنوثتها ويستعذب رحيقها وينتشي بملامستها ويتفكه بمداعبتها ويضطجع إليها ...ويود لو استغرقها بالكلية واستهلكها حتى تفنى هي فيه أو هو يفنى فيها فقوام اللذة الفناء ولهذا فالوجود بالمرأة وفيها) ( 1) . وللرقم والعين دلالة علاماتية داخل تشكيلية اللوحة التي تعبر عن واقعة ما معاشة من قبل ( الذات ...العالم ( المجتمع) فهي توزع الخطوط اللونية بعناية تكوينية ، وهي بريشتها ترسم ( ظواهر أنية تشتبك على المرأة الحالية) ولماذا تعتقد ايفان بان ثمة حواس مكنونه يجب أن تبرز على السطح لدى المرأة ( لان الفن لم يأت الا كحلقة في عمل الحواس ، المتفرقة ، والمجتمعة وعندما ظهرت رقابة الوعي للوعي ذاته أصبحت الحواس خاضعة للتشذيب والانفصال ، خطوة اثر خطوة عن المكان الأول ، المكان الأعمى) (2) . وايفان الدراجي جعلت الجسد كما هو لم تغلفه بالازدواجية والنفاق المجتمعي المحتدم بل تركه معرى من التغليف وليس عارياً من الثياب..وقد بلغت رمزية لوحاتها في المعرض ( الخطاب ) عبر ( التجريد) ولكن ببعد ( مجتمعي ....واقعي...سوسيولوجي) فهي تجس فينا نحن ( المجتمع الذكوري) نبض المهيمنة ...لترمي بنا عبر متخيلاتها التشكيلية إلى قاع ( الإرادة الأنثوية ورغباتها) وفق رؤيتها العالية أكيدا، وتجسد طبيعة المرأة في المآزق اليومي ...المكاني ...ألزماني ...( البيت ....العلاقة...) عبر سلطة اللون وتركيباتها لتستبدل قتامة الحياة بهالة لونية توفر لنا ( جمالية) الرؤية وبمقابلها جمالية انتقاديه وفق منظار الرد البارد....فهي تنتقد سطوة الهيمنة الذكورية الجافية ولكن بلون وليس ببندقية محشوة بأقذع الألفاظ... وهي الجمالية البحتة ...فالجسد في بعض لوحاتها مستلب وتارة يكون ( مصيده hunting -) وشباك النصف يقع الأخر فيها ...( إن نساء الفن الكلاسي كائنات خالدة علوية وعريهن دلالة طهر ونقاء كما هو حال سكان الجنة في قصة دستوفسكي
( حلم رجل هزأة) وبالتالي فهن غير معنيات بالمتلقي يمارسن طقوسهن ببراءة وترفع فهن عصيات على رغباتنا الزائلة) (3) هذه الإشكالية التي طرحها البعض من أن ايفان ( تعري) الجسد والأصح أن ايفان تتخذ من الجسد لغة محاكاة تسرد ما تكبده الجسد والروح معا من مخاض عسير انتهك قواه سيما جسد المرأة ، عابرة الشكلانيون وسطو الشكل لديهم إلى ما بعد الحداثة لتجعل الجسد ناطقاً ( رافضا) مقموعاته الذكورية والرغبات التي تود اجتياحه ،وهذا من اشتغالات الفنانة الانكليزية ستيفاني روو التي تعمل على تجريد الجسد النسوي ( تقول ستيفاني روو ( أنها تؤمن أن الجسد هو خير من ينقل الرسائل ) وربما لأنها أمنت بأنه الوجه الدنيوي لروح المرأة وان روح المرأة وجسدها كيان واحد.....) (4) ، أذن ايفان تجترح قضمه من الحداثة لتسيجها على حدائق شخوصها بيئة تقنية لإحاطة العالم الأنثوي في العالم الثالث كما ( لا يمكن ان ننظر الى روح المرأة بمعزل عن جسدها كما لا يمكن نفهم لغة الجسد الأنثوي بمعزل عن روح المرأة) (5) . وهكذا الدلالة تنتشر في إعمال ايفان الدراجي وفق تقنية التجريد التي تجعل للجسد لسانا يخاطب به ( المتلقي...ألجمهور) ليوفر تلك اللذة التي نبتغها من الفن التشكيلي فنحن ( نستند إلى قدرة إبصارنا ،لقد اثبت البحوث النفسية ان ما نتخيله أساسا في أحلامنا إنما هو خبرات مشتقة من حواسنا هذه الخبرات والذكريات تستند إلى صور ومعلومات موجودة في حقل الذاكرة ) (6).وهكذا أفرزت ايفان انفعالات الأنثى الذاتية عبر الكلم ألذاكرتي المعرفي الذي تتمتع به لتسقطه على شخوص لوحاتها من النسوة الكادحات المنتشيات الخاسرات داخل هذا العالم الملون في كل شيء.
************
1-الحب والفناء ( علي حرب)
2- اللاعنف في التشكيل العراقي المعاصر ( عادل كامل)
3- اللون حضارة – د. فائز يعقوب الحمداني.
4- نفس المصدر السابق
5- نفس المصدر السابق
6- هل اللوحة ما يرى ؟ دراسات تشكيلية مترجمة للدكتور فائز الحمداني
نشر في جريدة المنارة العدد 771 للتحميل والاطلاع