ايفان الدراجي
جميعنا نحتاج للتذكير بين برهة وأخرى تحت نير ضغوط الحياة ومشقاتها وعمليات برمجة الانسان التي تقوم بها الأيدولوجيات والحركات السياسية لجعله خاضعا منقادا لها وقاعدة لهرم سلطتها وإمبراطورتيها. خاصة الفئات البسيطة والمستضعفة من المجتمع كالنساء مثلا. المرأة بحد ذاتها ليست بكائن ضعيف بل انها بُرمجت على مر أجيال طويلة وأجريت لها عملية غسيل مخ لتظن بانها ضعيفة تحتاج للرجل وتحتمي بظله ولا يمكنها مغادرة منزلها للتسوق –مثلا- دون اذنه او مساعدته حتى. لعل المرأة الشرقية-العربية هي خير نموذج لهذه الفئة، لذلك نسعى نحن النشطاء والمثقفون حول العالم بمواصلة عملية كسر القوالب الكونكريتية التي تحيط بكل انثى منذ ساعة ولادتها، ذلك القالب الذي يرتفع مثل سور منيع يحول دون تحقيق كينونتها كانسان مستقل ودون التمتع بأبسط حقوقها، ويحرم المجتمع من الاستفادة من قدراتها وابداعاتها على حد سواء.
كل انثى شرقية هي مشروع استغلال. مشروع استغلال من قبل الرجل، من قبل المجتمع من قبل السلطة، من قبل الأنظمة الأيدلوجية، من قبل الدين، من قبل اطفالها، من قبل المرأة نفسها. استغلال جنسي، استغلال اقتصادي وحتى استغلال عاطفي. تجد المرأة الشرقية-العربية تعيش وفق مبدأ (أعيش للآخرين متجاهلة نفسي) لأنها برمجت لتكون آلة طبخ وغسيل وتنظيف ومفرخة أطفال، لأنها برمجت لتكون أحد جواري السلطان، لأنها برمجت لتظن بان وجودها غلطة وجريمة وفتنة بكل خلية من خلايا جسمها ستؤدي بالمجتمع الى الهلاك لذا وابسط ايمانها ان ترضى بالذل والخضوع وتكون جارية مطيعة لزوجها وأهلها والمجتمع ككل.
“خمسٌ وسبعون امرأة ألهمت وغيّرت العالم” هو كتابي الصادر عن دار أكد للنشر والترجمة والتوزيع/ الطبعة الأولى 2012-2013.
السبب الذي دفعني لكتابة هذا الكتاب صديقة مقربة لي. كانت جميلة، خريجة وموظفة تزوجت في الـ 25 من العمر من رجل يشغل مكانه ما في الدولة وأصبح لهما ابنة. كان يعاملها بسوء وعنف كأي مجرم يخضع عنده للتحقيق، قاسٍ، فضّ، يشك بها كثيرا بينما يعاشر هو ما هب ودب ومن النساء. يضربها ويعاملها كخادمه وحين يأتي الليل يرفع شعار “بالنهار تحت عصاتي وبالليل تحت عباتي” ويا ويلها اذا رفضت رغبته. ينهش ما شاء ليطفأ ظمأه ويعطيها ظهره نائما خائرا كثور.
أهلها مسالمون جدا، بين قوسين يخافونه، فلا يجدون لها حلّا كلما لجأت لهم.. كان يهددها بان يحرمها من ابنتها التي تبلغ من العمر السنة والنصف ان فكرت بان تثير له المتاعب.. حتى جاء اليوم الذي جنّ فيها عليها ونفذ تهديده وخبأ الصغيرة عند اخته في احد المحافظات الأخرى دون علم زوجته التي توسلته راكعه ان يعيدها اليها.. فما ان انهال عليها ضربا و(سحلها) من شعرها الى بيت أهلها وطلقها.
اخذ يساومها على حقوقها بالصغيرة. خاف الاهل ان يوصلوا الاهل الى المحاكم لهذا لجأوا الى الطريقة العشائرية لحل الامر. فقُرر ان يتم التناوب على حضانة الصغيرة شهرا عنده وشهرا عندها.. كانت صديقتي تصاب بالاكتئاب في الشهر الذي تبتعد فيه ابنتها عنها، وحين تعود الصغيرة لحضنها كانت تعود مريضة مصابة بكدمات بسبب الاذلال والمعاملة السيئة.
توعدها زوجها بانها ستزحف اليه متوسله وتخضع له مجددا. لم تنفع كل محاولاتي معها لمساعدتها ولم تصغٍ لي؛ هذه المتعلمة المستقلة ماديا، وما كانت الا بضعة شهور حتى عادت اليه مُنكسرة كما توعدها.
أشكرك صديقتي كثيرا كونك كنتِ الدافع وراء كتابتي هذا البحث الصغير عن النساء اللواتي غيّرن واقعهن والعالم حولهن؛ لم تكن ظروفهن أفضل من ظروفك وربما العكس، لم يكن عاجزات مستسلمات راضيات (بالأمر الواقع لأنه مكتوب ومقسوم وهذا ما وجدنا عليه آباؤنا أو بالأصح أمهاتنا)، كونك عاجزة ومتكاسلة إراديا ومتشائمة تكتفين بالنحيب على واقعك لا تمنعي غيرك من المحاولة، على الأقل دعي ابنتكِ تقرأ ما كتبت ها هنا أو غير ذلك لتتمتع وتبني حياة أفضل …
إليكّن جميعا… بل إليكم جميعا… خمسٌ وسبعون امرأة غيّرت وألهمت العالم.
“إن العالم لا تغيره إلا الأفكار أي الكلمات وقد حصل هذا منذ أقدم العصور وحتى الآن وبالمقابل فإن ملايين الرصاصات التي ملأت الدنيا صخبا ً ودويا ً انتهت إلى الصمت المطبق، إلى الموت، دون أن تستطيع تغيير شيء.”/ عبد الرحمن منيف – الآن هنا
ان هذا الكتاب هو محاولة استرجاع للنسوة اللواتي غيّرن أو ألهمن العالم. فخلال الحقب التاريخية التي مرّت على العالم، كانت هناك البطلة، رائدة الفضاء، المخترعة، الكاتبة، الطبيبة، الفنانة، الملكة والشجاعة وكثيرات من اللواتي دافعن عن الإنسانية وسمون بها ، رفضن التمييز والعنصرية وصبّ النساء في قوالب عُدت مسبقاً للمرأة من قبل الرجل أو الأسرة فكافحن ليكون يومنا والغد خالياً من القوالب النمطية لكنهن فتحن أبواب الجحيم على أنفسهن فخلدهن التاريخ وصرن المُثل العُليا للبشرية أجمع لا حصراً على النساء فقط.
لطالما اقتصر تسليط الضوء بأغلب المجتمعات على دور المرأة الوظيفي كأنثى تُرضي رغبات الرجل أو تسانده في بناء حياته وكينونته بمعزل -كأنه مقصود- عن دورها هي في هذه الحياة ومدى أهميتها، وهذا لا يفترض أن تتماثل المرأة مع الرجل بقدراتها في أداء المهمات ومواجهة الحياة وإدارتها. فلا يمكن إنكار الاختلاف الفيزيولوجي بينهما مع هذا فهي لا تقل قدرة وطاقة عن القيام بالأعمال التي (نُسبت) للرجل ولا اعرف من أين جاءوا بهذه التصنيفات وكيف قسموا الحياة على أساسها. فانشغلنا عن دور المرأة الحقيقي في الهام وتغيير العالم بهذا الصراع الاستهلاكي لكليهما والذي لم يعُد على العالم بأية فائدة فكان كلٌ منهما ندٌ للآخر في تغييب دوره والعمل على إجهاض آماله ومجهوده.
جميعنا نحتاج للتذكير بين برهة وأخرى تحت نير ضغوط الحياة ومشقاتها وعمليات برمجة الانسان التي تقوم بها الأيدولوجيات والحركات السياسية لجعله خاضعا منقادا لها وقاعدة لهرم سلطتها وإمبراطورتيها. خاصة الفئات البسيطة والمستضعفة من المجتمع كالنساء مثلا. المرأة بحد ذاتها ليست بكائن ضعيف بل انها بُرمجت على مر أجيال طويلة وأجريت لها عملية غسيل مخ لتظن بانها ضعيفة تحتاج للرجل وتحتمي بظله ولا يمكنها مغادرة منزلها للتسوق –مثلا- دون اذنه او مساعدته حتى. لعل المرأة الشرقية-العربية هي خير نموذج لهذه الفئة، لذلك نسعى نحن النشطاء والمثقفون حول العالم بمواصلة عملية كسر القوالب الكونكريتية التي تحيط بكل انثى منذ ساعة ولادتها، ذلك القالب الذي يرتفع مثل سور منيع يحول دون تحقيق كينونتها كانسان مستقل ودون التمتع بأبسط حقوقها، ويحرم المجتمع من الاستفادة من قدراتها وابداعاتها على حد سواء.
كل انثى شرقية هي مشروع استغلال. مشروع استغلال من قبل الرجل، من قبل المجتمع من قبل السلطة، من قبل الأنظمة الأيدلوجية، من قبل الدين، من قبل اطفالها، من قبل المرأة نفسها. استغلال جنسي، استغلال اقتصادي وحتى استغلال عاطفي. تجد المرأة الشرقية-العربية تعيش وفق مبدأ (أعيش للآخرين متجاهلة نفسي) لأنها برمجت لتكون آلة طبخ وغسيل وتنظيف ومفرخة أطفال، لأنها برمجت لتكون أحد جواري السلطان، لأنها برمجت لتظن بان وجودها غلطة وجريمة وفتنة بكل خلية من خلايا جسمها ستؤدي بالمجتمع الى الهلاك لذا وابسط ايمانها ان ترضى بالذل والخضوع وتكون جارية مطيعة لزوجها وأهلها والمجتمع ككل.
“خمسٌ وسبعون امرأة ألهمت وغيّرت العالم” هو كتابي الصادر عن دار أكد للنشر والترجمة والتوزيع/ الطبعة الأولى 2012-2013.
السبب الذي دفعني لكتابة هذا الكتاب صديقة مقربة لي. كانت جميلة، خريجة وموظفة تزوجت في الـ 25 من العمر من رجل يشغل مكانه ما في الدولة وأصبح لهما ابنة. كان يعاملها بسوء وعنف كأي مجرم يخضع عنده للتحقيق، قاسٍ، فضّ، يشك بها كثيرا بينما يعاشر هو ما هب ودب ومن النساء. يضربها ويعاملها كخادمه وحين يأتي الليل يرفع شعار “بالنهار تحت عصاتي وبالليل تحت عباتي” ويا ويلها اذا رفضت رغبته. ينهش ما شاء ليطفأ ظمأه ويعطيها ظهره نائما خائرا كثور.
أهلها مسالمون جدا، بين قوسين يخافونه، فلا يجدون لها حلّا كلما لجأت لهم.. كان يهددها بان يحرمها من ابنتها التي تبلغ من العمر السنة والنصف ان فكرت بان تثير له المتاعب.. حتى جاء اليوم الذي جنّ فيها عليها ونفذ تهديده وخبأ الصغيرة عند اخته في احد المحافظات الأخرى دون علم زوجته التي توسلته راكعه ان يعيدها اليها.. فما ان انهال عليها ضربا و(سحلها) من شعرها الى بيت أهلها وطلقها.
اخذ يساومها على حقوقها بالصغيرة. خاف الاهل ان يوصلوا الاهل الى المحاكم لهذا لجأوا الى الطريقة العشائرية لحل الامر. فقُرر ان يتم التناوب على حضانة الصغيرة شهرا عنده وشهرا عندها.. كانت صديقتي تصاب بالاكتئاب في الشهر الذي تبتعد فيه ابنتها عنها، وحين تعود الصغيرة لحضنها كانت تعود مريضة مصابة بكدمات بسبب الاذلال والمعاملة السيئة.
توعدها زوجها بانها ستزحف اليه متوسله وتخضع له مجددا. لم تنفع كل محاولاتي معها لمساعدتها ولم تصغٍ لي؛ هذه المتعلمة المستقلة ماديا، وما كانت الا بضعة شهور حتى عادت اليه مُنكسرة كما توعدها.
أشكرك صديقتي كثيرا كونك كنتِ الدافع وراء كتابتي هذا البحث الصغير عن النساء اللواتي غيّرن واقعهن والعالم حولهن؛ لم تكن ظروفهن أفضل من ظروفك وربما العكس، لم يكن عاجزات مستسلمات راضيات (بالأمر الواقع لأنه مكتوب ومقسوم وهذا ما وجدنا عليه آباؤنا أو بالأصح أمهاتنا)، كونك عاجزة ومتكاسلة إراديا ومتشائمة تكتفين بالنحيب على واقعك لا تمنعي غيرك من المحاولة، على الأقل دعي ابنتكِ تقرأ ما كتبت ها هنا أو غير ذلك لتتمتع وتبني حياة أفضل …
إليكّن جميعا… بل إليكم جميعا… خمسٌ وسبعون امرأة غيّرت وألهمت العالم.
“إن العالم لا تغيره إلا الأفكار أي الكلمات وقد حصل هذا منذ أقدم العصور وحتى الآن وبالمقابل فإن ملايين الرصاصات التي ملأت الدنيا صخبا ً ودويا ً انتهت إلى الصمت المطبق، إلى الموت، دون أن تستطيع تغيير شيء.”/ عبد الرحمن منيف – الآن هنا
ان هذا الكتاب هو محاولة استرجاع للنسوة اللواتي غيّرن أو ألهمن العالم. فخلال الحقب التاريخية التي مرّت على العالم، كانت هناك البطلة، رائدة الفضاء، المخترعة، الكاتبة، الطبيبة، الفنانة، الملكة والشجاعة وكثيرات من اللواتي دافعن عن الإنسانية وسمون بها ، رفضن التمييز والعنصرية وصبّ النساء في قوالب عُدت مسبقاً للمرأة من قبل الرجل أو الأسرة فكافحن ليكون يومنا والغد خالياً من القوالب النمطية لكنهن فتحن أبواب الجحيم على أنفسهن فخلدهن التاريخ وصرن المُثل العُليا للبشرية أجمع لا حصراً على النساء فقط.
لطالما اقتصر تسليط الضوء بأغلب المجتمعات على دور المرأة الوظيفي كأنثى تُرضي رغبات الرجل أو تسانده في بناء حياته وكينونته بمعزل -كأنه مقصود- عن دورها هي في هذه الحياة ومدى أهميتها، وهذا لا يفترض أن تتماثل المرأة مع الرجل بقدراتها في أداء المهمات ومواجهة الحياة وإدارتها. فلا يمكن إنكار الاختلاف الفيزيولوجي بينهما مع هذا فهي لا تقل قدرة وطاقة عن القيام بالأعمال التي (نُسبت) للرجل ولا اعرف من أين جاءوا بهذه التصنيفات وكيف قسموا الحياة على أساسها. فانشغلنا عن دور المرأة الحقيقي في الهام وتغيير العالم بهذا الصراع الاستهلاكي لكليهما والذي لم يعُد على العالم بأية فائدة فكان كلٌ منهما ندٌ للآخر في تغييب دوره والعمل على إجهاض آماله ومجهوده.
تستحق هؤلاء النساء سماءً حرةً يلمعن بها، نجوماً يستدل بها الأجيال أفضل
من درجها بين الغبار وملفات التاريخ لما فعلن وما زلن يفعلن لأجلنا، فكان
الكتاب عبارة عن (كتيّبين) لا كتابين ولا فصلين، لكنهما ضمن غلاف واحد لأن
الحياة ومسيرة الاجتهاد لا تتجزأ، السعي للحريّة وتغيير الواقع البائس و
الإلهام للسمو والتطور مهما تنوع مجاله هو فتيل واحد بكل الأحوال.. لكنني
ومن باب اعتزازي بـ (شرقيّتي) فضّلت أن أضم النساء العربيات بكتيّب أو بحث
لهنّ وحدهّن نظراً لصعوبة البيئة والمعطيات التي انشقّوا وأبدعوا منها
خلافاً للمجتمعات الأخرى.
ملاحظة: اعتذر لك أيها الرجل فلم أقصد أن أأخذ عليك أي مأخذ شخصي، بل إنه المجتمع وتلك النظم الأيدلوجية المتعاقبة من جعلت منا (قطاً وفأرة) .
كتابي تحدث عن نساء على صعيد العالم عانين أسوأ مما نتصور من ظروف لكنهن تحدينها وغيّرن من واقعهن وصرن بهذا الهاما للبشرية والاجيال بعدهن. فبماذا تختلفن عنهن أنتن؟ لا تغيري العالم بل انهضي بذاتك ولا تصابي بالعجز والخوف او اليأس، يمكنك ان تحاربي بما تملكين من أدوات مهما كانت لتحققي ولو جزءا يسيرا من حياة يتخللها الفرح وراحة البال.
ملاحظة: اعتذر لك أيها الرجل فلم أقصد أن أأخذ عليك أي مأخذ شخصي، بل إنه المجتمع وتلك النظم الأيدلوجية المتعاقبة من جعلت منا (قطاً وفأرة) .
كتابي تحدث عن نساء على صعيد العالم عانين أسوأ مما نتصور من ظروف لكنهن تحدينها وغيّرن من واقعهن وصرن بهذا الهاما للبشرية والاجيال بعدهن. فبماذا تختلفن عنهن أنتن؟ لا تغيري العالم بل انهضي بذاتك ولا تصابي بالعجز والخوف او اليأس، يمكنك ان تحاربي بما تملكين من أدوات مهما كانت لتحققي ولو جزءا يسيرا من حياة يتخللها الفرح وراحة البال.