روان يونس
مجتمعاتنا متقولبة ومغلقة تجعل من الانسان معادلة من متغيرين تقبل اما الصواب او الخطأ فقط، او معطيات ثابتة منذ الازل تخرج لهم بما هو مطلوب من قبلهم وسائد. الانسان لم يمكن ابدا شكلا ثلاثي الابعاد اعزائي ولو كان كذلك لم اكن لاخاطبكم من خلف شاشة وتصلكم حروفي اينما كنتم في العالم.
لا يمكن ان يرتبط الانسان مع اقرانه وفق نظرية السبب والنتيجة وعلى اساسه تتم بلورة كل حياته وسلوكياته، لاننا بهذا همشّنا جميع المشاعر والاواصر الانسانية التي لا تنتظر مقابلا وليست لها سببا كالحب مثلا والعطاء. لكن ومجاراة مع قوالبكم ومفاهيمكم المتحجرة ارتأيت ان العب بذات اوراقكم.
الغيرية: هي الانجذاب العاطفي والجنسي بين شخصين مختلفين في الجندر (الجنس) اي رجل وامرأة. لكن هل تأملنا يوما في اسبابها؟
اسباب سياسية: احد اهم اسباب الغيرية هي الفاشية، وهو وصف لشكل راديكالي من السلطوية. حيث نرى الكثير من السلوكيات البشرية واساليب الحياة قد نهجت هذا النهج لغرض للسيطرة والهمينة على سلوكيات اخرى لا تتعادل معها من حيث العدد وفرضت قوتها وقولبتها عليها، الفاشيون السترايت يظنون ان لهم كامل الحق في فرض ستايل حياتهم على الاخرين مهما اختلفوا وازاحتهم حتى. وان لهذا ارتباطا وثيقا باسباب اخرى تاريخية واجتماعية سآتي على ذكرها.
اسباب تاريخية: منذ انقلبت سيادة العالم دينيا وسلطويا لصالح الرجل وغدى المجتمع بطريركي متسلط عنيف تسيطر وتدمر فيه الامم الاقوى على الاضعف، تصاعدت الحاجة للتكاثر فصارت واجبا والزاما ان تخضع المرأة وتلبي نداء الاخصاب والتكاثر. واتخذ الرجل من شكل العلاقة بينه وبين المرأة الاستتراتيجية الامثل لفرض سيطرته على اكثر من نصف المجتمع واخضاعه وتربية وتنشئة الاجيال اللاحقة وفقا لشعار الرجل رب الاسرة والسيد في المجتمع والمحارب على الارض.
اسباب دينية: كما انقلبت سيادة العالم تاريخيا وسياسيا لصالح الرجل تهدمت معها صروح الآلهه الانثى وصار الرب ذكرا، رب الاديان الابراهيمية وما سبقها. ولعل اول اسس تثبيت هذه الاديان وترسيخها في المجتمع هو اخضاع المرأة من قبل الرجل الكائن النقيض وحصرها وظيفيا على خدمته وطاعته والتفريخ فقط. ولعل من اوضح احاديث نبي الاسلام محمد هو"تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة" يؤكد السببين الذين ذكرتهما سابقا التاريخي والديني. من المعروف انك اذا اردت ان تهدم نظاما ايدلوجيا ما كهذا الذي نعيشة فانك تحتاج الى ثلاثا: امراة حرة، ارادة حرة وحرية تعبير.
اسباب اجتماعية: ان هذه الاسباب جميعا بلا ريب متصلة مع بعضها مشكلة اسسا لمجتمعاتنا المتقولبة المغلقة كما اسلفت. كل ذلك كون نظاما ومفاهيما نمطية للعيش وايدلوجية فاشية ترفض اي مختلف بعد ان سادت وصارت قاعدة. فنجد اليوم الاجيال البشرية تتناقل عبر الDNA قاعدة ان العلاقات يجب ان تكون بين زوجين مختلفين بالجنس متشابهين بالدين الغرض منه ارضاء المفاهيم الكونكريتية هذه والتكاثر فحسب حتى لو كانت على حساب سعادة افراد هذه المنظومة. وهي ترفض وتعزل اي شخص يحاول التفكير خارج هذا الصندوق او حتى العيش متظاهرا بعدم وجوده من الاساس.
اسباب نفسية: في مجتمعاتنا المريضة بدوري السجان والسجين، المسيطر والمسيطر عليه، من البديهي ان نجد الشخص السترايت يعاني الكثير من العقد النفسية كان تكون بسبب نشاته في بيت ذكوري متسلط فتطورت شخصيته حسب جنسه لاحد القطبين اما المسيطر (الرجل) او المسيطر عليه (المرأة)، او قد تكون عقدة انعدام ثقة وضعف شخصية وشعورا بالنقص، فتبرز هنا شخصية سي السيد الذي يحاول تعزيز ثقته بنفسه بالسيطرة على المرأة وتعنيفها او لغرض سد فجوة ما برجوليته يعوضها بلعب دور السجان على امرأته، وهنا تعتاد الضحية التي تدجّنت منذ الصغر على ان تكون تابعه له ومطيعه، لا حول لها ولا قوة. ويتدخل الدين مجددا بجعل الرجل قوّاما على المرأة من جميع نواحي الحياة، فنجدها تستسهل الامر ولا تستقل اقتصاديا عنه وترضى بمعيشه الذل تحت وطأته فقط لانها تبرمجت على هذا الدور دينيا ونفسيا واجتماعيا.
بعيدا عن كل الاسباب اعلاه ولكوني انسانه اعيش بدون اي صناديق اود بان اقول بان قاعدة التكاثر ثابته علميا -حتى الان- اذ تتم عن طريق الاتصال الجنسي بين رجل وامرأة. لكن هذه القاعدة لا يمكن ان تنطبق على العلاقات والحب بين البشر، فهي لا تصلح الا للتكاثر فقط وليست نظام عيش يصلح للجميع ولا سببا لسعادتهم. المشاعر لا يمكنها ابدا الخضوع لاي قوانين وقواعد ولا يمكن تبوبيها وفقا للسبب خاصتكم والنتيجة.
ما هو شعورك الآن عزيزي السترايت بعد ان وضعتك في الكفة الاخرى من الميزان؟