أبوطالب البوحيّة
وأنا في طور اعتماد إرسال مادتي للنشر، التي كتبتها منذ خمسة أيام، والتي هي عبارة عن قراءة في مجلة (نثر) التي تعني بالأدب، رن هاتفي الجوال لأخبر أن المجلة (نثر) قد تم منعها من الدخول إلي العراق عبر احد المنافذ الحدودية بعد انتظار طال عشرة ايام، لم تكن سوي الصدفة سيدة موقفي فتغاضيت عن إرسال الموضوع لمتابعة موضوع أهم يخص هذه المجلة الوليدة، الحالمة، التي حمل بعض الشباب وهم مؤسسوها وأعضاء تحريرها والذين اخذوا علي عاتقهم الشخصي دعمها طباعياً وملئها بنتاجاتهم الأدبية المختلفة كي تصبح دليلاً علي وعيهم الثقافي ومسؤوليتهم تجاه أنفسهم كمثقفين وأدباء، ولتكون عددا تنهض من بعده أعداد أخري علها أن تضيف إلي ما آل إليه واقع (المتفرج) في شوارع الأدب دون تشكيل حالة تؤسس لقاعدة بيانات تحتوي نهج شباب لا يقبل التقييد.
(المجلة) التي أعلن إصدارها والتي ترأس تحريرها صفاء خلف البصري الذي لم التقيه وأدار تحريرها شاعر يافع يضع نفسه في مركز دائرة العمل هو الشاعر عمر الجفال، وآخرون تجاوبوا مع نداء مفكرتهم الزمنية التي يكتب لها علي الدوام ان تسرق ظهرت بعد الطبع زهرية كأحلام جيل فاقد للأبوة وفقير حد عدم امتلاك مبلغ البقاء ساعتين يومياً في مراكز الانترنت ليتصفحوا آخر ما وصل له الدهر، (نثر) التي حوت قراءتي النقدية لها بعض السلبيات لم تري النور سوي عند بعض معدود لا يتجاوز نصف المحررين الذين اشتغلوا عليها تودع دون سبب وجيه في غرفة اعتقال مظلمة باردة تنفخ الصراصير فيها وتعمل (الارضة) علي شل حرف بعد آخر من ما كتب بها، شعراً نثراً قصةً حواراً رسومات معبرة.
وأنا كصحافي متابع اطمح لان تكون كل المنشورات الكتابية الأدبية والثقافية والفنية محط أنظار الجميع ومتناول يد الباحثين عن التنوع القرائي والهاربين من جحيم السياسة الكاذبة ودعوات الحرية الزائفة ووعود المتسكعين خارج السلطة وداخلها، لكن هذا الحلم الفردي والجماعي لا شك لم يتحقق حاله حال كل أحلامي التي تضمحل حد حصولي علي أجر يسد نفقات يومي الفقير.
حرية اليوم التي يدعي البعض أنها تتجاوز دكتاتورية الماضي وتنتهج الانطلاق نحو رحاب التعبير عن الذات واحترام الرأي والرأي الآخر تقف عاجزة أمام قرار حجب (مجلة) من 109 صفحات لا تسرق من قوت الشعب ولا تدعي حمايته وهو غارق في وحول دمائه، لم تشتم طرفاً ولم تقل بمرجعيتها الطوائفية ولم تعاقِب بقطع الأرزاق ولم تفشي الفساد، رغم ان نفس هذه الحرية المدعّاة لا تستطيع منع أي من المفسدين وأي من السارقين وأي من المتاجرين بأرواح أهليهم وأبناء جلدتهم، بل جعلت من كل هؤلاء فرسان الساحة ومالكي أمرها ، ولا اعرف أأهجو هذه الحرية ام اهجوا من جاءوا بها ومن يواصلون دعمها علي أساس قواعد الفشل والحقد والتمييز.
كل مثقف ينتمي لهذا العصر وكل أميّ يعيش وطأة زماننا هذا يدعم القانون، ويدعم مسألة اعتماد المنهجية في النشر والدقة في اختيار المادة التي ستكون بين يدي الشعب نساء ورجال وشيوخ طلبة او عمال، غير ان قانون يحمي مطبوعات تثير التطوئف وتثير التخندق وتحمي الأجنبي السارق المارق وتمجد الكذابين واللصوص ويمنع هذا القانون نفسه مطبوعات أخري علي النقيض من التي ذكرت، لا يمكن ان يقبل ولا يمكن الإيمان به والدفاع عنه والقبول فيه كسلطة عليا، فما بالك بأن من يمنع اليوم علي حدود العراق لا يمتلك أي قانون، بل انه لا يعرف عن تاريخ سن القوانين ولا عن مداها اليسير من الشيء ولا أفق له سوي حمل السلاح وتوجيهه علي أبناء بلاده.
وكيف لعسكري لم يقرأ منذ زمن ان يحدد ما هو النافع وما هو السيئ ليمنع بقوة نفوذه التي اكتسبها من قادة لا يمتلكون الحد الأدني من الثقافة منع مادة ثقافية أدبية غنية رغم وجود ما هو فقير ضمن زواياها.
ان المنع الذي تعرضت أليه مجلة (نثر) يعتبر ضمن السقف الواسع الذي يعيشه العالم من حولنا في مجال حرية النشر والكتابة جريمة وعقوبتها كعقوبة العالم الذي لا ينتفع بعلمه الناس بل تزيد علي ذلك، وما تعانيه (نثر) في محنتها هذه هو جزء مما يعانه الشعب، وآه علي هذا الشعب الذي عاش أجياله علي معاناة غير منقطعة.
لنرفع أصواتنا كلنا بوجه القتلة العابثين بأجساد البشر والثقافة فأن السكوت يوما بعد آخر يقرب آجالنا كلنا، وستحل اللعنة شئنا ام أبينا.
Azzaman International Newspaper - issue 3531 Date 2/3/2010
جريدة (الزمان) الدولية - العدد 3531 - التاريخ 2/3/2010
وأنا في طور اعتماد إرسال مادتي للنشر، التي كتبتها منذ خمسة أيام، والتي هي عبارة عن قراءة في مجلة (نثر) التي تعني بالأدب، رن هاتفي الجوال لأخبر أن المجلة (نثر) قد تم منعها من الدخول إلي العراق عبر احد المنافذ الحدودية بعد انتظار طال عشرة ايام، لم تكن سوي الصدفة سيدة موقفي فتغاضيت عن إرسال الموضوع لمتابعة موضوع أهم يخص هذه المجلة الوليدة، الحالمة، التي حمل بعض الشباب وهم مؤسسوها وأعضاء تحريرها والذين اخذوا علي عاتقهم الشخصي دعمها طباعياً وملئها بنتاجاتهم الأدبية المختلفة كي تصبح دليلاً علي وعيهم الثقافي ومسؤوليتهم تجاه أنفسهم كمثقفين وأدباء، ولتكون عددا تنهض من بعده أعداد أخري علها أن تضيف إلي ما آل إليه واقع (المتفرج) في شوارع الأدب دون تشكيل حالة تؤسس لقاعدة بيانات تحتوي نهج شباب لا يقبل التقييد.
(المجلة) التي أعلن إصدارها والتي ترأس تحريرها صفاء خلف البصري الذي لم التقيه وأدار تحريرها شاعر يافع يضع نفسه في مركز دائرة العمل هو الشاعر عمر الجفال، وآخرون تجاوبوا مع نداء مفكرتهم الزمنية التي يكتب لها علي الدوام ان تسرق ظهرت بعد الطبع زهرية كأحلام جيل فاقد للأبوة وفقير حد عدم امتلاك مبلغ البقاء ساعتين يومياً في مراكز الانترنت ليتصفحوا آخر ما وصل له الدهر، (نثر) التي حوت قراءتي النقدية لها بعض السلبيات لم تري النور سوي عند بعض معدود لا يتجاوز نصف المحررين الذين اشتغلوا عليها تودع دون سبب وجيه في غرفة اعتقال مظلمة باردة تنفخ الصراصير فيها وتعمل (الارضة) علي شل حرف بعد آخر من ما كتب بها، شعراً نثراً قصةً حواراً رسومات معبرة.
وأنا كصحافي متابع اطمح لان تكون كل المنشورات الكتابية الأدبية والثقافية والفنية محط أنظار الجميع ومتناول يد الباحثين عن التنوع القرائي والهاربين من جحيم السياسة الكاذبة ودعوات الحرية الزائفة ووعود المتسكعين خارج السلطة وداخلها، لكن هذا الحلم الفردي والجماعي لا شك لم يتحقق حاله حال كل أحلامي التي تضمحل حد حصولي علي أجر يسد نفقات يومي الفقير.
حرية اليوم التي يدعي البعض أنها تتجاوز دكتاتورية الماضي وتنتهج الانطلاق نحو رحاب التعبير عن الذات واحترام الرأي والرأي الآخر تقف عاجزة أمام قرار حجب (مجلة) من 109 صفحات لا تسرق من قوت الشعب ولا تدعي حمايته وهو غارق في وحول دمائه، لم تشتم طرفاً ولم تقل بمرجعيتها الطوائفية ولم تعاقِب بقطع الأرزاق ولم تفشي الفساد، رغم ان نفس هذه الحرية المدعّاة لا تستطيع منع أي من المفسدين وأي من السارقين وأي من المتاجرين بأرواح أهليهم وأبناء جلدتهم، بل جعلت من كل هؤلاء فرسان الساحة ومالكي أمرها ، ولا اعرف أأهجو هذه الحرية ام اهجوا من جاءوا بها ومن يواصلون دعمها علي أساس قواعد الفشل والحقد والتمييز.
كل مثقف ينتمي لهذا العصر وكل أميّ يعيش وطأة زماننا هذا يدعم القانون، ويدعم مسألة اعتماد المنهجية في النشر والدقة في اختيار المادة التي ستكون بين يدي الشعب نساء ورجال وشيوخ طلبة او عمال، غير ان قانون يحمي مطبوعات تثير التطوئف وتثير التخندق وتحمي الأجنبي السارق المارق وتمجد الكذابين واللصوص ويمنع هذا القانون نفسه مطبوعات أخري علي النقيض من التي ذكرت، لا يمكن ان يقبل ولا يمكن الإيمان به والدفاع عنه والقبول فيه كسلطة عليا، فما بالك بأن من يمنع اليوم علي حدود العراق لا يمتلك أي قانون، بل انه لا يعرف عن تاريخ سن القوانين ولا عن مداها اليسير من الشيء ولا أفق له سوي حمل السلاح وتوجيهه علي أبناء بلاده.
وكيف لعسكري لم يقرأ منذ زمن ان يحدد ما هو النافع وما هو السيئ ليمنع بقوة نفوذه التي اكتسبها من قادة لا يمتلكون الحد الأدني من الثقافة منع مادة ثقافية أدبية غنية رغم وجود ما هو فقير ضمن زواياها.
ان المنع الذي تعرضت أليه مجلة (نثر) يعتبر ضمن السقف الواسع الذي يعيشه العالم من حولنا في مجال حرية النشر والكتابة جريمة وعقوبتها كعقوبة العالم الذي لا ينتفع بعلمه الناس بل تزيد علي ذلك، وما تعانيه (نثر) في محنتها هذه هو جزء مما يعانه الشعب، وآه علي هذا الشعب الذي عاش أجياله علي معاناة غير منقطعة.
لنرفع أصواتنا كلنا بوجه القتلة العابثين بأجساد البشر والثقافة فأن السكوت يوما بعد آخر يقرب آجالنا كلنا، وستحل اللعنة شئنا ام أبينا.
جريدة (الزمان) الدولية - العدد 3531 - التاريخ 2/3/2010
No comments:
Post a Comment