(Marley & me) & Me.. I'm serious


(Marley & me)  فلم كوميدي اجتماعي يروي قصة صحفي جسّد شخصيته الممثل (Owen Wilson) وزوجته التي جسّدت شخصيتها الجميلة (Jennifer Aniston) يتبنيان كلبا تتمحور حوله حياتهما بأجمعها. ربما يكون الفلم قديما نوعا ما لكنني شاهدته كاملاً ولأول مرة بالأمس؛ فخلق عندي بعض الانطباعات كمتلقيّة ومشاهدة من ناحية اهتمام العائلة بهذا الكلب المجنون (Marley) ومدى حبهم له وخصوصا الأب (Owen Wilson) الذي صارت مقالاته تتمحور حول يومياته التي يدخل الكلب في تفاصيلها رغما عنه بفعل حيويته المفرطة ومرحه. كانت آخر مشاهد الفلم تتعلق بموت الكلب بعد ثمان سنين تقريبا قضاها مع تلك العائلة حيث يتبيّن مدى تعلق الأولاد به وحزنهم على موته فيكتبون له بعض العبارات إذ وقفوا مودعيه وهم يدفنونه في باحة منزلهم الخلفي؛ وأكثر عبارة أثارت انتباهي لأحد الأولاد: " أتمنى أن تكون سعيداً بالسماء وأن تجد هناك ما تمضغه". نسبة لأنه كان يمضغ أي شيء يصادفه!
ينتهي الفلم بعبارات رائعة رددها صاحب الكلب (Owen Wilson) إنما تدّل على ثقافة كلبيّة ناضجة : " إن هذا الكلب لم يفّكر يوما أو يشترط فيك أن تكون غنيا أو فقيرا، تملك منزلا فخما أو بسيطا، تملك سيارة أو لا، لم يكن محتاجا لأن يعرف ما هي وظيفتك؟ كم راتبك؟ ماذا ترتدي؟ هل تقتني المجوهرات؟ ماذا تأكل..الخ.. كلّ ما أراده هو قلب يحبه كي يبادله الحب. كم شخصا تعرف يملك هذه الصفات؟". ويتعامل معك وفق هذه الأسس؟ أنا عن نفسي: لا أحد.
أثارت بعض النقاط شغباً في رأسي: لماذا نقتني الحيوانات الأليفة وغير الأليفة في منازلنا ونروضها ونجبرها على مدنيّة وتحضرّ حياتنا البشرية؟ هي الدافع إثبات شيء ما لأنفسنا؟ أم إن الأمر برمته مقياس لمدى تحمل الإنسان للمسؤولية ومدى ألفته ودرجة اجتماعيته من خلال الاعتناء بالحيوان وذلك بناءا على بعض نظريات العلماء والمعالجين النفسيين الذي يعدونها طريقة علاجية لبعض مرضاهم. إضافة لمقدار الحب الغير مشروط الذي يوفره ذلك الحيوان لمقتنيه على خلاف البشر وهذا أمر مهم خصوصا للذين يعانون من الوحدة أو الاكتئاب .
    مرةً حشرتُ نفسي بحوار دار بين أمريكيين (أعتذر إن كانت هذه العبارة –ربما- تُثير حساسية البعض)     كانا يتحدثان عن تقسيم مقتني الحيوانات الأليفة إلى (Dog Person):مقتني الكلاب و (Cat Person): مقتني القطط، حسب نظريةٍ هما مقتنعين بها وابتدئا بتصنيف نفسيهما، وخلال الحوار حاول الـ (Dog Person) إثبات إنه أو مقتنوا الكلاب يتمتعون بصفات الكلب كالوفاء، الصداقة الصادقة، العطاء، النُبل والتواضع من ناحية التشابه والتشارك بتلك الصفات أو حتى التأثر والتطبّع بها فكرّت: أن عليّ حقاً البت بتثقيف نفسي كلبيّاً بل يجب عليّ أن اختبرها أولاً وأعرف درجة تواضعي ووفائي ونُبلي تجاه الآخرين كي أكون أبعد عن الأنانية وانتظار مقابل ما لكل مبادرة أُبديها أو مُنجز.
    إن مثل هكذا مواضيع هي حقاً أقرب للإنسانية، أقرب لذواتنا؛ بل هي محاورة أو عربون تصالح مع أنفسنا التي غالباً ما نحاول أن نتجنبها أو نبرمجها وفق متطلبات دوامة حياة ماديّة مليئة بالفوضى والعُنف والمصالح على حساب الجوهر والماهيّة الحقيقية للإنسان بعيداً عن ذلك العالم الذي أسهمنا نحنُ بصيرورته على هذا الشكل. عالم الآلة التي تحدّث عنه الخيال العلمي كثيراُ دون أن يّدرك مشاركته في تحقيق ذلك الخيال. إن مثل هكذا مواضيع لا يُحبذها الناشرون ولا يعيرون لها أي أهمية فحسب اعتقادهم أن هنالك ما هو أهم بالنسبة للقارئ والشارع خصوصاً العربي منه..نعم العربي. لكنني رغم هذا أرسلت بهذا الموضوع لعدد من الجهات (تحرّشاً) وفضولاً كي أرى من سيفكّر جديّا بمسألة الثقافة الكلبيّة هذه والتي هي مصطلح مجازي للطريق نحو ذات أكثر تواضعاً وعطاءً وسمّواً.


نُشر في: الحوار المُتمدن 
Share:

No comments:

Popular Posts

Blog Archive

Featured Post

خمسة تفسيرات منطقية علمية لما يدعى بالمعجزات

  اعداد: ايفان الدراجي الخوف والجهل هو أساس ارجاء تفسير الظواهر الطبيعة آنذاك لقوى مجهولة خفية قد تكون من السماء يفسرها المؤمنون...

Recent Posts