لستُ بناقدة ولن أسمح لنفسي بالحكم على ابداع وفضائات افكار الاخرين، لكني أحب مشاركتكم ببعض المقتبسات من رواية (أموات بــغداد) لـجمال حسين علي، تلك التي استفز -ايجابيا- بعضها انسانيّتي بينما هزّني بعضها الاخر.
.......................
ان اصوات الصيادين المزهوة
بالسمكة الضالة الوحيدة تخفق مع صوت الموتى الحديثين وهي تخاطبه لكي يفك
عنها عتق الاسر في المشرحة، ينظف عنها اوساخ الدنيا ولثام الدماء المتيبسة
والقروح التي بدأت تطفح وبثور اليوم الاول من الموت والمهانة التي تعرضت
لها بسبب خشونة الاحياء وعدم لياقة المنقذين وسهو النهار المتعود على الجثث
الجديدة.
.......................
...الميت:
لا يضطر فيه للتفرس في وجوه الخلق لكي ينشد انسانيتهم المغبونة ولن يضطر
لكي يجثو عند حذاء شرطي او جزمة جندي، مروعة رسوماته بكل تفاصيل الموتى
الحديثين القاصدين المشرحة..... وكرغبة كيتس في ان ينقش على قبره: هنا يرقد
شخص كان اسمه مكتوبا على الماء.
.......................
سنستغل ثغرات الموت..طالما لم نفعل ذلك في الحياة التي عشنا على حافتها وربما تلك الأغراض التي لم نحققها في الدنيا سنحاول تنفيذها في الموت، فبعض الموتى لا يصمتون كالكثيرين غيرهم، خاصة أولئك الذين لم يتمتعوا بميتة كريمة.
.......................
لان أحدا لم يفهم لماذا على الناس العيش في الهواء والعراء بعد كل ثورة.
.......................
اكثر ما حز في نفسي مع امك اننا أنجبناكم لكي نفقدكم، وانك تتشرد في الأرض بينما وطنك مقفر ملئ بالكلاب، الكلاب الكثيرة جدا.
.......................
هل تدرك قسوة ذلك بشاعريتك على الاقل حين يدفن كل آباء البلاد أبنائهم يوميا وباستمرار.
.......................
وحين تئن عليه ساعات سقوط المدينة الأولى وكيف انعطف اللصوص على مستشفى المجانين وعبثوا بها ونهبوا ما يتناوله مجانين العاصمة الذين رأوا بشرا مثلهم للمرة الأولى، لكنهم تدافعوا في تلك الليلة ليغتصبوا ثلاثمائة نزيلة في عنابر المستشفى وجدن أنفسهن فجأة في الشارع الذي نسينه، مئات المجانين انطلقوا أحرار المجد الذي نزع عنهم ملابسهم الداخلية، أنصاف عراة لا يدركون ما الذي سيفعلونه في المدينة التي تحترق والتي يسير شؤونها اللصوص الذين عاودوا اغتصاب المجنونات المرة تلو الأخرى مباشرة في شوارع الوطن المحرر، وتركوهن أسلابا مدماة، حفاة وعراة وجياعا تقترب أجسادهن بعضها من بعض لكي يدفئ بعضها الآخر ويخفف روعته من تصرف العقلاء، وأخريات همن كل في السبيل الذي تذهب اليه أقدامهن، وكانت دموعهن تنهمر من نشيجهن الذي كان مخلبا جديدا يهشم سكون المدينة المذعورة.
No comments:
Post a Comment